يا راحلين إلـى منـى بقيـادي هيجتموا يوم الرحيـل فـؤادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتـي الشوق أقلقني وصوت الحـادي
وحرمتموا جفني المنام ببعدكـم يا ساكنين المنحنـى والـوادى
ويلوح لي مابين زمزم والصفـا عند المقام سمعت صوت منادي
ويقول لي يا نائما جد السُـرى عرفات تجلو كل قلب صـادي
من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مـرادي
تالله ما أحلى المبيت على منـى في ليل عيـد أبـرك الأعيـاد
ضحوا ضحاياهم ثم سال دماؤها وأنا المتيم قد نحـرت فـؤادي
لبسوا ثياب البيض شارات اللقاء وأنا الملوع قد لبست سـوادي
يارب أنت وصلتهم صلني بهـم فبحقهـم يـا رب فُـك قيـادي
فإذا وصلتـم سالميـن فبلغـوا مني السلام أُهيل ذاك الـوادي
قولوا لهم صـب فقيـر متيـم ومفارق الأحباب والأصحـاب
صلى عليك الله يا علم الهـدى ما سار ركب أو ترنـم حـادي
ما الشدة إلا للفرجِ وستأتي أنواع الفرجِ
فاصبر فالله له حكم فيما يقضيه على المهج
والكل يزول فلا تحزن من شيء راح فسوف يجي
والدهر عجيب هالكه وعجيب أيضا منه نجي
وتصاريف الأيام على أهل الدنيا إحدى الحجج
العالم للبلوى خلقوا فمن البلوى لا تنزعج
فجوابهم قد كان بلى في الأصل لمعنى ممتزج
والله له غضبٌ ورضىً كالظلمة تظهر والبلج
فاصعد بمراقي الخير إلى أعلى الغرفات من الدرج
وإذا وكلت إِلَهَكَ في أمر من أمرك فابتهج
وابشر فهو المقضيُّ ولا تضجر منه أو تختلج
والشيء له وقت فإذا لم يأت فكن للوقت رجي
والعسر ليسر يعقبه فاخرج عن ضيقك والحرج
وسألتك يا مولاي بمن يمشون على أسنى النهج
من كل رسول جاء لنا بالحق وبالدين البهج
وبكل نبي منك أتى بطريق ليس بذي عوج
وبنوح يشكر من غرقت بالدعوة منه ذوو الهرج
ونجت أصحاب سفينته من كل فتى في الله شجي
وبإبراهيم خليلك من نجّاه الحق من الوهج
وبخلَّته وإمامته لبنيه على مر الحجج
وبتسمية من قبل لنا بذوي الإسلام المنتهج
وكليمك موسى من أنجى بك أمته يوم الخلج
والفرق له كالطود غدا في لجة بحر مختلج
وبروحك عيسى من ظهرت أنوار هداه على السرج
أبرى الأعمى والأبرص بل أحيى كم ميت مندرج
وبطه أحمد من بهرت آيات هداه المنبلج
وحمى دين الإسلام وقد وافى بالنصرة في الرهج
وأبان بمدح الدين لنا عن ملته والكفر هجي
وبأهل البيت بأجمعهم أرباب السبق لدى الدلج
وبأصحاب المختار ومن بالسر أناروا كل دجي
وأبى بكر الصديق بلا شك في الدين ولا مرج
وبشيبته وسريرته تلك المعمورة باللهج
وبمن فر الشيطان أسىً منه لطريق منتهج
عمر الفاروق ومن بسنا علياه أبان عن الفلج
وبعثمان الزاكي الأخلا ق شهيد الدار المعتلج
وببحر العلم عليٍّ مَنْ قد فاح كروض مفترج
صهر المختار وعمدته في الشدة والهم اللزج
وبكل ولي فاح بنا من سيرته زاكي الأرج
أن تُفرجَ همَّ أحبتنا وتقيهم معترك الهمج
وتزيل الغمة أجمعها عن هذا القلب المنزعج
وادفع شر الأعداء ولا تغرقنا منهم في اللهج
والطُف يا رب اللطف بنا وانقذنا من هذا اللجج
وصلاة الله مع التسلي م على ذي السر المنذحج
طه المختار وشيعته والصحب ذوي الحظ الفرج
وعلى العبد المنسوب بهم لغني سامي المنعرج
ما لعلع حادي النوق وما سار الركبان على السرج
سيدى / عبد الغنى النابلسى
تغيرتِ المودة ُ والاخاءُ و قلَّ الصدقُ وانقطعَ الرجاءُ
و أسلمني الزمانُ إلى صديقٍ كثيرِ الغدرِ ليس له رعاءُ
وَرُبَّ أَخٍ وَفَيْتُ لهُ وَفِيٍّ و لكن لا يدومُ له وفاءُ
أَخِلاَّءٌ إذا استَغْنَيْتُ عَنْهُمْ وأَعداءٌ إذا نَزَلَ البَلاَءُ
يديمونَ المودة ما رأوني و يبقى الودُّ ما بقيَ اللقاءُ
و ان غنيت عن أحد قلاني وَعَاقَبَنِي بمِا فيهِ اكتِفَاءُ
سَيُغْنِيْنِي الَّذي أَغْنَاهُ عَنِّي فَلاَ فَقْرٌ يَدُومُ وَلاَ ثَرَاءُ
وَكُلُّ مَوَدَّة ٍ للِه تَصْفُو وَلاَ يَصْفُو مَعَ الفِسْقِ الإِخَاءُ
و كل جراحة فلها دواءٌ وَسُوْءُ الخُلْقِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ
ولَيْسَ بِدَائِمٍ أَبَدا نعِيْمٌ كَذَاكَ البُؤْسُ لَيْسَ لهُ بَقَاءُ
اذا نكرتُ عهداً من حميمٍ ففي نفسي التكرُّم والحَيَاءُ
إذَا مَا رَأْسُ أَهْلِ البَيْتِ وَلَّى بَدَا لَهُمُ مِنَ النَّاسِ الجَفَاءُ
هذه قصيدة الخمرية لي سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني
ولها فوائد عظيمة في قراءتها قدس سره
سَقَانِي الحُبُّ كاساتِ الوِصَال فقُلتُ لخمرَتِي نَحوِي تَعَالي
سَعَت ومَشَت لِنحوِي فِي كؤوسٍ فهِمتُ بِسَكرَتِي بينَ المَوالِي
وقلتُ لسَائرِ الأقطابِ لُمُّوا بِحَالِي وَادخُلوا أنتُم رِجالي
وهِيمُوا واشرَبُوا أنتُم جُنودِي فسَاقِي القَومِ بِالوَافِي مَلا لِي
شربتُم فضلَتِي مِن بَعدِ سُكرِي وَلا نِلتُم عُلُوِّي واتِّصَالِي
مقامُكُم العُلا جمعاً ولَكن مقامِي فَوقَكم مَازَالَ عَالِي
أنا فِي حَضرةِ التقرِيبِ وَحدِي يُصرِّفُنِي وحَسبي ذُو الجَلالِ
أنا البازِيُّ أشهبُ كلِّ شيخٍ ومَن ذَا فِي الرِّجالِ أُعطِي مِثَالِي
دَرَستُ العِلمَ حَتَّى صِرتُ قُطبَاً وَنِلتُ السَّعدَ مِن مَولَى المَوَالِي
كَسَانِي خِلعَةً بِطِرازِ عِزمٍ وتَوَّجَنِي بِتِيجَانِ الكَمَالِ
وأطلَعَنِي عَلى سِرٍّ قَدِيمٍ وقَلَّدَنِي وَأعطَانِي سُؤَالِي
طبولي فِي السَّمَا والأرضِ دُقَّت وشَاؤوسُ السَّعَادةِ قَد بَدَا لِي
أنَا الحَسَنِيُّ والمخدَع مَقَامِي وأقدَامِي عَلى عُنُقِ الرِّجَالِ
وَوَلَّانِي عَلَى الأقطَابِ جَمعَاً فَحُكمِي نَافِذٌ فِي كُلِّ حَالٍ
نظرتُ إلى بِلادِ اللهِ جمعاً كَخَردَلَةٍ عَلى حُكمِ اتِّصَالِ
فلَو أَلقَيتُ سِرِّي فوقَ نارٍ لَخَمِدَت وانطَفَت مِن سِرِّ حَالِي
وَلو ألقيتُ سِرِّي فَوقَ ميْتٍ لقَامَ بِقُدرَةِ المَولَى مَشَا لِي
ولَو ألقيتُ سِرِّي فِي جبِالٍ لدُكَّت واختَفَت بينَ الرِّمَالِ
ولَو ألقيتُ سِرِّي فِي بِحَارٍ لصارَ الكلُّ غَورَاً فِي الزَّوَالِ
وما مِنهَا شُهورٌ أو دُهُورٌ تَمرُّ وتَنقَضِي إلا أَتَى لِي
وتُخبِرُنِي بِمَا يَأتِي ويَجرِي وتُعلِمُنِي فَأقصُر عَن جِدَالِي
بلادُ الله مُلكِي تَحتَ حُكمِي وَوَقتِي قَبلَ قَلبِي قَد صَفَا لِي
مريدي لا تَخَف وَاشٍ فإنِّي عزومٌ قَاتلٌ عِندَ القِتَالِ
مُريدِي لا تَخَف اللهُ ربِّي عَطَانِي رِفعَةً نِلتُ المَعَالِي
مُريدي هِم وطِبْ واشطَحْ وغَنِّي وَافعَـل مَا تَشَـا فَالاســُم عَالِــي
وكُلُّ وليٍّ لهُ قَدَمٌ وإنِّي عَلى قَدَمِ النَّبِي بَدرِ الكَمَالِ
أنا الجِيليُّ مُحيي الدِّينِ اسمِي وأعلامِي عَلَى رؤوسِ الجِبَالِ
وَعبدُ القَادِرِ المَشهورُ اسمِي وجَدِّي صَاحِبُ العَينِ الكَمَالِ
هذه ليلى قد بدت بالحسن تلونت
لبعضها ظهرت وبطنت في الظهور
ظهرت لبعضها وغابت عن كلها
فلو كنت تدريها لصرت بها مسرور
جلسنا على حضرة مع ملوك الخمرة
من عجائب القدرة كأسها عنها يدور
سقتني كأس التحقيق وهدتني للطريق
أغرقتني في العميق بحرها فاق البحور
سقتني كأسا يحلى نورها عني يجلى
خرجت من الغفلة غيبتي هي الحضور
فيا طالب الهوى والغيب عن السوى
أنا صاحب الدوا أنا الطبيب المشهور
أنا صاحب الطريق وأنت مظهر للتحقيق
اشرب خمرتي تفيق والسر منك يفور
أيا خليلي آت مسرعا لحضرتي
لا تخش من آفات ضريحي بيت المعمور
اسمي ساقي المريد محمد بن البوزيدي
نغرف من بحر التوحيد وبيدي المنشور
ثم صلاة الله على صاحب الجاه
هو نور الإله هو مفتاح الظهور
سيدي محمد البوزيدي
ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺍﻟﺒﺎﻋﻮﻧﻴﺔ
هذا الحبيب وصفوة الجبار
هَذا الحَبيب وَصَفوَة الجَبار أَزَلاً وَلا أَثَر مِن الآثارِ
هَذا الَّذي قرن المهيمن اِسمَهُ مَع اِسمه وَجَلاه لِلإِظهارِ
هَذا الَّذي نَزَل القُرآن بِمَدحِهِ وَعَلَيهِ أَثنى في القَديمِ الباري
هَذا الَّذي ظَهَر الهُدى بِظُهورِهِ وَهُدى بِسيرته
فُؤاد الساري
هَذا الَّذي خَلَقَ المُهيمن نُوره مِن نُوره وَحَباه بِالأَنوارِ
هَذا الَّذي حازَ الكَمال وَغاية خَضعت لَدَيها سائر الأَخبار
هَذا الَّذي أسري بِهِ لِنِهاية ما بَعدَها وَطَر مِن الأَوطار
هَذا الَّذي خَدمته أَعيان السَما وَغَدوا لَهُ مِن جملة الأَنصار
هَذا إِمام المُرسَلين وَذُخرهم هَذا مَلاذ أَعزة وَكِبار
هَذا الَّذي لَولاه ما خَلقت سَما كَلا وَلا دَحيت ذَوات قَرار
هَذا فَريد أَلقاب هَذا أَحمَد المُختار هَذا جامع الأَسرار
هَذا خِتام الأَنبياء هَذا أَجل الأَصفياء هَذا مُجير الجار
ﻫﺬﺍملاذ الأَولياء هَذا
غِياث الأَتقياء هَذا جَمال الدار
هَذا السِّراج لمُهتد هَذا البَشير لمقتد في عزلة مُتَواري
هَذا الحَياة لِعاشق هَذا الكَفيل لصادق بِالجبر وَالأَبرار
فَتَمَسَكوا بِوَلائِهِ وَاِستَبشروا بِمَغانم الرضوان مِن غفار
وَتَوَصَّلوا لِصَلاتِهِ بِصَلاتِكُم أَبَدا عَلى هَذا النَّبي المُختار
صَلَّى عَلَيهِ اللَّهُ رَبي دائِماً َﻭﺍﻵﻝ ﻭﺍﻻصحاب وَالأَصهار
وَأَنالَني بِوَفاﺓ غايات المُنى كَرَماً وَهَيأ في حِماه جواري
ما فتح الوَرد الجَني وَقابَلت وَجناته الأَحداق مِن نوار
وَتَمايل الغُصن الرَّطيب مُتَوجاً بِلألئ حسنت مِن الأَزهار
لي في الإله عقيدة غراء
عبد الغني النابلسي
لي في الإله عقيدة غراء
هي والذي هو في الوجود سواء
نور على نور فهذا عندنا
ارض وعند الله ذاك سماء
يا قلب قلبي أنت جسم الجسم لي
ومن الصفات تأتت الأسماء
قد جاء نوري منك عنك مبلغا
بك لي فكان بأمرك الإصغاء
وتتابعت بشرى الهواتف بالذي
يعنو له الإلهام والإيحاء
بي نشأتان طفقت أسرح فيهما
لي هذه صبح وتلك مساء
أبدا أنا نور أضيء وظلمة
وأنا تراب في الوجود وماء
وسمائي انشقت وشمسي كورت
ونجومي انكدرت فزال ضياء
وقيامتي قامت وإني هكذا
طبق الذي وردت به الأنباء
لي ساعد فيما أروم مساعد
ويد أصابع كفها الجوزاء
وفم يحدث بالمثاني الغض لا
زالت تجول بغيثه الأنواء
يا نحل قد أوحى إليك إلهنا
ومن الجبال بيوتك الأفياء
فكلي من الثمرات طرا واسلكي
سبل السعادة لا اعتراك شقاء
ومن البطون إلى الظهور شرابها
للناس فيه لذة وشفاء
هذا الذي فيه منادمة المنى
ووجود من قامت به الأشياء
والحق ليس لنا إليه إشارة
نحن الإشارة منه والإيماء
يا من أرومهمُ بكل مرامِ وأراهمُ في يقظتي ومنامي
وأنا بهم في جنة متنعم منهم بأنواع من الإنعام
كيف التفتُّ رأيت طلعة وجههم تزهو خلال ستائر الأوهام
ولقد حظيت بهم على فُرُشِ التقى وأنا وإياهم لفيف قوام
ولقد تعانقنا فصرنا واحداً وطفت مياهُ الوصل نار أوامي
وعلي قد جادوا بما فوق المنى والغير ينتظر انكشاف لثام
أو ما ترى ذكري لهم متنوعاً وبهم عليهم صار شكري نامي
ومدحتهم بجميع ألسنة الورى في كل مرتبة وكل مقام
ونظمت ديوان التغزل كله فيهم بلفظ معجب ونظام
وأتيت فيه بكل معنى رائق في كل جارية وكل غلام
ومورَّد الخدين فاق بجيده وبطرفه الساجي على الآرام
يثني معاطفَه الدلالُ كأنه غصن وفي أعلاه بدر تمام
وذكرت كل لطيفة في روضةٍ وهزار دوحٍ مطرب الترنام
وجداول الأنهار والنسمات في حركاتها والزهر في الأكمام
الغصن يرقص والنواعير التي بالجنك قارنها غناء حمام
ومجالس الندمان قمت بوصفها والدن والساقي وكأس مدام
وكشفت بالآلات عن ألحانها وشرحت فرط صبابةٍ وغرام
وجيمع ذاك مقصدي أنتم به وأجل ما مولى وكل مرامي
لا غيركم أربي وإن حوّلته عنكم بلفظي في الورى وكلامي
أنتم هم المعنى المراد بكل ما قد قلت عنكم والجميع أسامي
وكذاك ديوان المديح جميعه فيكم نشرت به صفات كرام
ورسائل الإخوان فيما بيننا مشمولة بتحية وسلام
وصفات أهل العلم فيه شرحتها ومدحت كلَّ محقق علام
وجمعت أوصاف القضاة وفضلهم في مقتضى نظري بغير تعامي
والقصد أنتم بالجميع وذكرهم هو ذكركم عندي على الإبهام
وكذاك ديواني بمدح المصطفى والآل والأصحاب ذي الإكرام
قصدي به أنتم وفي لغتي لكم عندي الكلام بسائر الأقسام
فأسير سير الغافلين بقولهم أبداً وأقصد مقصد الأقوام
وأنا الذي في ظاهري متمسك بشريعتي في سائر الأحكام
وأنا الذي في باطني متحقق بحقائق التوحيد والإلهام
أنا مجمع البحرين موسى ظاهرٌ والباطن الخضر الأجل السامي
هيهات أن تنجو فراعين العدا مني وبحري بالمعارف طامي
وعليَّ من عين السرادق أعين للحق تحفظني مدى الأيام
وأنا لأطيار الحقيقة مخرس وأنا الإمام بها لكل إمام
وأنا البلاد وأهلها أنا لا سوى والشام من دون البرية شامي
والعارفون رعيتي في قبضتي والغوث والأقطاب من خدامي
فافتح عيونك في وجوه قلوبنا وانظر إلى الأحوال يا متعامي
واصدق وصادقنا ولا تنظر إلى ما يقتضي منها فهوم عوام
نحن الشموس وما خفافيش الورى تسطيع تبصر غير محض ظلام
سيدى / عبدالغنى النابلسي