تولى المصطفى أمرى فكانت لحظة العمر
وأسلمنى إلى بـــى فصارت ليلــة القدر
وأشرق نوره سحراً فتم الوصل بالفجر
وأصبح سره يسرى يمج لبهة الغير
وصرت أراه إذ ألقاه فى نجواى فى سرى
فــألفــنى وعـــرفــنى وشــرفنى بذا الســر
وأسرى بى غلى الباب وألقى بى إلى البحر
فقدمنى وكــرمنــى ونعمنى على فقــرى
وأبصــر لى وصور لى ويســر لى بلا عســر
ونـــادانى وكــنانى أبا الإخلاص واليســر
وكلمـــنى فعلمـــنى وهيمنــى على ستــر
وصــافــانى ووافــانى فعافــانى من الــوزر
وأدبنى وقـــربـــنى فغيبــنى بلا سكــر
وطـــهرنى وســــاورنى فأسكــرنى بلا خمـــر
وأنطـــقنى ومــا أدرى بمــا أدرى ولا أدرى
فــأذكار وأســــرار وأنــوار بنــا تســـرى
ونفسى ودعـــت أمســى فما تمســى علــى بشر
ووحشى قــد غــدا يمشى بلا نـــاب ولا ظــفــر
فسيرى مــات فى صدرى بلا لحــد ولا قـــبر
وقلبى بـــات من حبـــى كبستان مــن الزهـــر
لا تحارب بالعذل قلب محــب عالج الشوق عمره ولهانا
وتلطف به فقد حكم الشــو ق عليه فلن يفيق جنانا
ليس تدرى اللظى جوانح صب أجج الحب قلبه نيرانا
أدمعى الزاخرات لم تطف شوقى قد ثوى الشوق بالحشا بركانا
أنا لو أشرب البحار جميعاً لم أزل فى محبتى ظمآنا
لست أروى إلا بلقياك يــا رب فهذا اللقاء أسمى رجانا
رغب الناس فى الشراب ولكن رؤية الحق شربنا ورضانا
أنا إن جلست فالمحبة تاجى وإذا سرت أنتشى وجدانا
علمونى كيف المسير إلى الله وقالوا خذ الرضا تيجانا
مذ رأونى أهيم فى الله صبا أدخلونى فى الحكة الميدانا
اعذرونى أو اعذلنى فإنى لست أخشى الملام حيث كانا
إنما اللوم فى المحبة عندى لا يزيد المحب إلا افتتانا
جرب الحب مثل ما جرب العا شق تلقى الملام يذكى هوانا
نحن نحيا بالله حتى إذا ما نحن متنا بعفوه أحيانا
حملت نفسى الحواس وقيل اصبر فمن هاهنا تنال عطانا
فتحملت وجهتى رؤية اللــ ه وقلبى على الرحاب تدانى
لى به قوة وبى منه لطف وبهذا أرى الحصاة جمانا
أعلم الحب علم أهل التجلى لست احتاج فى الهوى ترجمانا
قد تناثيت عن سواه بكلى وتلقيت سره إحسانا
ضاحك الثغر للعباد ولكن فاض بالقلب حبه إيمانا
أنا إن أبك فالدموع هواء بخرتها نار الهوى هيمانا
وإذا ما نظمت تسبح روحى تملأ الكون رحمة وبيانا
تسكب العلم فى مقاطع نظم قد جلوناه للورى ألحانا
لى غناء لو بسمعه الصخر تلقاه من الوجد والمهابة لانا
وإذا الطير يأخذ السجع عنى كان والله فى الذرى سحبانا
لبس الناس من حرير وخز ودعاء الرحمن خير كسانا
حلية الناس جوهر وعقود وتقى الله يارجال حلانا
نجتلى ذكره ونرتاح فيه فانتهانا فى الذكر منه ابتدانا
نتنادى إلى اليقين هلمو وبهذا لربـــنا نتدانى
إننا ملكه وموعدنا الحشـــ ر فهل عنه لحظة نتوانى
كل قلب به جمود فإن داو م ذكر الخلاق بالذكر لانا
اعرف الله ثم مل عن سواه كان عرفانا غيره كفرانا
وتزود من المحبة بالتقوى ولازم بقلــبك الرحمانا
ولقد أدركنا اليقين صغاراً وكبرنا وما جهلنا المكانا
ونطقنا وما نطقنا بفحش بل جعلنا تقواه منا لسانا
وادخرنا اليقين للحشر ذخراً وملآنا من الثبات جنانا
ولبسنا من الحياء سعاراً وجعلناه فرقــنا طيلسانا
قد علمنا أن المحبة كنز كل من صانها سما بنيانا
* * *
صلونى بحبل الله ثم ذرونى وإن تدعونى عنده فدعونى
إذا وصلت روحى إلى الله ربها فلم أخش بعد الوصل ريب منون
لقد عذلونى أن أهيم بحبه ولو أنهم ذاقوا الهوى عذرونى
وقد يوقظ العذل الهوى حيث إنه يشب بقلبى النار ما عذلونى
ولى لذة فى الحب ليس كمثلها وما ذاقها ذو شهوة ومجون
فلو أن شوقى بالجبال وصمها إذن أسمعتكم من جوى وأنين
ولو أن بعض الأرض ذاق شهودنا تحول ماء من هوى وحنين
ولو قطرة من حبنا فوق صخرة زكا قلبها فهما بغير متون
ولكن كتمت الحب عن كل ناظر فإن فاض قلبى لا تسح عيونى
أدراى الهوى حتى يقال بأننى جهول وأهل الحى ما جهلونى
ففى حركاتى أكتم الحب عاشقاً وأحسب مثل الصخر حال سكونى
ولى أمل فى الله ألا يضيعنى ولى ثقة ليست بذات فتون
تفنن غيرى فى الملاهى وشرها ولكن بحب الله نلت فنونى
فيا آل ودى قد وددت فكافئوا ودادى بود مثله وصلونى
إذا كان ذنبى فوق ظهرى مثقلى فمن جودهم بالعفو قد غسلونى
ولا ركن لى إلا رضاؤك وحده وهذا منى قلبى وقصد عيونى
وقد طاب لى بالذكر ما أنا قاصد وفى عزة التقوى جمعت شئونى
وآياته لى كسوة وهى أسوة وطاب اشتغالى فيك حين ترينى
بعزم علمت الحب بالعلم خضته ففى شدتى ألقى نداك ولينى
وإنى إذا حادت سبيلى عن الهدى أرى الفضل يدنينى له ويلينى
تمتعت باسم الله بدءاً ومنتهى لذلك كان الذكر كل يقينى