مظاهر الانس دقت لي على نغمي -------- ودولة الفضل غنت لي على علمي واقبل السعد يسعى طالبا مددي-------------- حتى الزمان اتاني راجيا هممي ونوبتي ضربت في الارض واشتهرت ------ودولتي حكمت في العرب والعجم وسطوتي ظهرت في الخافقين وقد----------- تحقق الامر ان الاولياء خدمي وكوكب المجد عندي لاح فهو-------------- اذا معلق لختام الامر في خيمي ولمعة الشمس في بابي قد انعقدت ------فمظهر الشمس مربوط على علمي وبارق الغيب في بيداء زاويتي------------- تلألأت ذاته الحسناء في حرمي هلال سلطان عزي للوجود بدا-------------- وحالتي انفردت في جملة الامم والسبع يعلم احوالي ويعرفها---------- وترعب الاسد في الغابات من خدمي شاويش عزي على هام الرجال -----------شذا فاقبلوا نحو بابي الكل كالغنم سقيتهم من حميا خمرتي سكروا-------------- ترنموا فشذوا بالحال من كلمي اطفال زاويتي كل الرجال وقد ----------------اطعمتهم قبل قبل القبل من لقمي بدفتري كتبوا من اصل حالتهم ----------------وخطهم مردائي في العلا قلمي وصحت في شطحة الاكوان منفردا ---------------اجابني سرها باللوح والقلم فلو ذكرت بارض لا نبات بها -------------------لأقبلت بصنوف الخير والنعم ولو ذكرت بنار قط ما لهبت ولو----------------- ذكرت ببحر غار من عظمي ولو دعوت لميت قام لي ومشى------------------- باذن ربي يسعى لي القدم لك الهنا يا مريدي لا تخف ابدا------------- واشطح بذكري بين البان والعلم اذا دعاني مريدي وهو في لجج--------------- من البحار نجا من حالة العدم انا ابن من كان في البطحاء مجلسه -----------ودراه في بقاع الارض كالعلم انا ابن من قام يهدي للوجود وقد------------ اجاد واستخرج الاسلام من ظلم انا ابن فاطمة الزهرا التي حجبت-------------- ببرقع من طراز الغيب منتظم انا ابن حيدرة الكرار اشجع من مشى------- على الارض في سيف وفي حزم انا الامام الذي أدعى ابو الفقراء شيخ-------- العواجز من يقصد حماي حمي انا الرفاعي فسل عني وعن مددي---------------- ينبيك عني ما قد قلته بفمي انا الرفاعي ملاذ الخافقين فلذ في------------ باب جودي لتسقى الخير من ديم الآن تم نظامي بالصلاة على --------------------خير البرية في بدئي ومختتمي والآل والصحب والاتباع سادتنا------------------ والتابعين لهم في منهج الكرم العقود الجوهرية ص 5 عن العبد الصالح العارف بالله عبد الملك بن حماد إنه قال: قدر الله لي الحج سنة خمسمائة وخمسة وخمسين، وجئت إلى المدينة وتشرفت بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك الأسبوع جاء لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام شيخنا سيد العارفين إمام الأمة السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وقد دخل البلدة بقافلة عظيمة من الزوار فلما دخل الحرم الشريف النبوي وقف تجاه القبر الأفضل، والوقت بعد العصر وقد غص الحرم المبارك بالناس وأنشد غائبا عن نفسه حاضرا بمحبوبه: في حالة البعد روحي كنت أرسلها .....تقبل الأرض عني وهي نائبتي وهذه دولة الأشباح قد حضرت .....فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي فظهرت له يد النبي عليه الصلاة والسلام تتلمع بيضاء سوية كأنها زند البرق، فقبلها والناس ينظرونه، وقد من الله تعالى تفضلا علي فرأيتها ورأيت كيف استلمها، وإني أعد هذا الشهود الباهر ذخيرة المعاد، وزاد القدوم على الله تعالى. ثم قال: وكان في القافلة المذكورة الشيخ أحمد الزعفراني، والشيخ عدي بن مسافر الأموي، والسيد عبد الرزاق الحسيني الواسطي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ أحمد الزاهد، والشيخ حيوة بن قيس الحراني، والشيخ عقيل المنبجي العمري، و جماعة من مشاهير أولياء العصر وقد تشرفت الكل برؤيا اليد النبوية الطاهرة الزكية واندرجوا تحت بيعة مشيخته رضي الله عنه وعنهم أجمعين، وخبر هذه القصة متواتر مشهور، وقد ساقه كثير من أعيان الرجال بوجه التفصيل فليراجع. قال الشيخ تقي الدين الفقيه النهروندي المتوفى 594 في قصيدة أولها: أي سر جاءت به الأنبياء .....وحديث رواته الأولياء؟ سلسلته السادات أهل المعالي .....وحكته الأئمة الأتقياء فروى نشره الصديرين ريا .....وأضاءت بنوره البطحاء مد طه يمينه للرفاعي .....فانجلت عندها له الأشياء إلى أن قال: لا تقل كيف تم هذا؟ وأيقن .....يفعل الله ربنا ما يشاء واهجر المارقين واعذر إذا ما .....أنكر الشمس مقلة عمياء أيكون النبي ميتا؟ وفي القرآن .....أحياء ربها الشهداء وبمد اليمين لابن الرفاعي .....حجة في مقامها سمحاء شهدتها المساء آلاف قوم .....ورآها الاقران والأكفاء صار ذاك المساء صبحا فما أعجب .....يوما فيه الصباح مساء؟ وقال صاحب العقود الجوهرية يمدحه في قصيدة له: ذاك الرفاعي الذي فعله .....يعز في النقد على الناقد كم ركب الليث؟ وكم راكب .....ذلل من صولة مستأسد؟ كف رسول الله في لثمها .....حاز بها الفخر على الجاحد قد مدها من قبره نحوه .....لاحت إلى الحاضر والشاهد وقال الحافظ الحاج ملا عثمان الموصلي في قصيدة يمدح بها السيد الرفاعي: له الأفاعي وأسد الغاب طائعة .....والجن تبصر من آياته العجبا ألا ترى إن من ينمى إليه فلا .....يخشى من النار مهما أوقدت لهبا؟ كفاه تقبيل يمنى الهاشمي أبي .....الزهراء فخرا وعنها الغير قد حجبا وقال السيد محمد أبو الهدى الرفاعي في تخميس قصيدة سراج الدين المخزومي: أكرمت من طه بكف جنابه .....بين القفول مذ التجأت ببابه فلثمته وعرفت في أحبابه .....نورا أراد الله أن تحيى به رغما لمن فتكت به الظلمات وقال من قصيدة يمدحه بها: كفى شرفا تكليم خير الورى له .....وامداده إذ مد جهرا له اليدا وليس عجيبا حين صح انتسابه .....إليه إذا أبدى إليه توددا كرامة حق وهي ثابتة له .....ومعجزة للمصطفى خير من هدى وقال بهاء الدين السيد محمد الرواس في قصيدة له يمدحه بها. كفاه إن رسول الله مد له .....يد القبول وزهر العصر نضار وقال من جده خير الورى خلقا .....له انطوى فيه إعزاز وإظهار وقال عبد الحميد أفندي الطرابلسي في قصيدة له يمدحه بها: هو الحجة الكبرى على كل قائم .....لذاك يد المختار مدت له جهرا ومن هذه والله حجة فضله .....أجل غيره في القوم حجته صغرى وقال السيد عبد الغفار الأخرس في قصيدة يمدحه بها: تولد من رسول الله شبل .....به دانت له كل السباع وقبل كف والده جهارا .....غدت بالنور بادية الشعاع وشاهدها الثقات وكل فرد .....رآها بانفراد واجتماع فتلك مزية لم يحظ فيها .....سواه من مطيع أو مطاع العقود الجوهرية ص 5 عن العبد الصالح العارف بالله عبد الملك بن حماد إنه قال: قدر الله لي الحج سنة خمسمائة وخمسة وخمسين، وجئت إلى المدينة وتشرفت بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك الأسبوع جاء لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام شيخنا سيد العارفين إمام الأمة السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وقد دخل البلدة بقافلة عظيمة من الزوار فلما دخل الحرم الشريف النبوي وقف تجاه القبر الأفضل، والوقت بعد العصر وقد غص الحرم المبارك بالناس وأنشد غائبا عن نفسه حاضرا بمحبوبه: في حالة البعد روحي كنت أرسلها .....تقبل الأرض عني وهي نائبتي وهذه دولة الأشباح قد حضرت .....فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي فظهرت له يد النبي عليه الصلاة والسلام تتلمع بيضاء سوية كأنها زند البرق، فقبلها والناس ينظرونه، وقد من الله تعالى تفضلا علي فرأيتها ورأيت كيف استلمها، وإني أعد هذا الشهود الباهر ذخيرة المعاد، وزاد القدوم على الله تعالى. ثم قال: وكان في القافلة المذكورة الشيخ أحمد الزعفراني، والشيخ عدي بن مسافر الأموي، والسيد عبد الرزاق الحسيني الواسطي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ أحمد الزاهد، والشيخ حيوة بن قيس الحراني، والشيخ عقيل المنبجي العمري، و جماعة من مشاهير أولياء العصر وقد تشرفت الكل برؤيا اليد النبوية الطاهرة الزكية واندرجوا تحت بيعة مشيخته رضي الله عنه وعنهم أجمعين، وخبر هذه القصة متواتر مشهور، وقد ساقه كثير من أعيان الرجال بوجه التفصيل فليراجع. قال الشيخ تقي الدين الفقيه النهروندي المتوفى 594 في قصيدة أولها: أي سر جاءت به الأنبياء .....وحديث رواته الأولياء؟ سلسلته السادات أهل المعالي .....وحكته الأئمة الأتقياء فروى نشره الصديرين ريا .....وأضاءت بنوره البطحاء مد طه يمينه للرفاعي .....فانجلت عندها له الأشياء إلى أن قال: لا تقل كيف تم هذا؟ وأيقن .....يفعل الله ربنا ما يشاء واهجر المارقين واعذر إذا ما .....أنكر الشمس مقلة عمياء أيكون النبي ميتا؟ وفي القرآن .....أحياء ربها الشهداء وبمد اليمين لابن الرفاعي .....حجة في مقامها سمحاء شهدتها المساء آلاف قوم .....ورآها الاقران والأكفاء صار ذاك المساء صبحا فما أعجب .....يوما فيه الصباح مساء؟ وقال صاحب العقود الجوهرية يمدحه في قصيدة له: ذاك الرفاعي الذي فعله .....يعز في النقد على الناقد كم ركب الليث؟ وكم راكب .....ذلل من صولة مستأسد؟ كف رسول الله في لثمها .....حاز بها الفخر على الجاحد قد مدها من قبره نحوه .....لاحت إلى الحاضر والشاهد وقال الحافظ الحاج ملا عثمان الموصلي في قصيدة يمدح بها السيد الرفاعي: له الأفاعي وأسد الغاب طائعة .....والجن تبصر من آياته العجبا ألا ترى إن من ينمى إليه فلا .....يخشى من النار مهما أوقدت لهبا؟ كفاه تقبيل يمنى الهاشمي أبي .....الزهراء فخرا وعنها الغير قد حجبا وقال السيد محمد أبو الهدى الرفاعي في تخميس قصيدة سراج الدين المخزومي: أكرمت من طه بكف جنابه .....بين القفول مذ التجأت ببابه فلثمته وعرفت في أحبابه .....نورا أراد الله أن تحيى به رغما لمن فتكت به الظلمات وقال من قصيدة يمدحه بها: كفى شرفا تكليم خير الورى له .....وامداده إذ مد جهرا له اليدا وليس عجيبا حين صح انتسابه .....إليه إذا أبدى إليه توددا كرامة حق وهي ثابتة له .....ومعجزة للمصطفى خير من هدى وقال بهاء الدين السيد محمد الرواس في قصيدة له يمدحه بها. كفاه إن رسول الله مد له .....يد القبول وزهر العصر نضار وقال من جده خير الورى خلقا .....له انطوى فيه إعزاز وإظهار وقال عبد الحميد أفندي الطرابلسي في قصيدة له يمدحه بها: هو الحجة الكبرى على كل قائم .....لذاك يد المختار مدت له جهرا ومن هذه والله حجة فضله .....أجل غيره في القوم حجته صغرى وقال السيد عبد الغفار الأخرس في قصيدة يمدحه بها: تولد من رسول الله شبل .....به دانت له كل السباع وقبل كف والده جهارا .....غدت بالنور بادية الشعاع وشاهدها الثقات وكل فرد .....رآها بانفراد واجتماع فتلك مزية لم يحظ فيها .....سواه من مطيع أو مطاع
لذ بالرفاعي الحسيني الذي قد مد راحته له المختار
سلطان كل الاولياء وعارف نهضت به في سيره الاقدار
هو نجم دين بالشريعة ثاقب طويت بذيل ضيائه الاقمار
متواضع كالشمس يلمع نورها فوق الثرى ولها العلا مضمار
غوث على قدم الرسول سلوكه ولغيره في سلكه اطوار
هو ساكت متواضع عن عزة ولديه كبار الرجال صغار
لم ترفع الدعوى وان كبرت فتى للحق برهان له آثار
هذا ابو العلمين احمد الذي فخرت به الزهراء والكرار
وبنسله نور النبوة ظاهر متسلسل ما كرت الاعصار
ان يحسدوا لجدودهم ولجودهم فهموهمو وعلى الحسود العار
هم بالرسول وبالحسين واحمد اسد الغيوب وسيفهم بتار
ومن اعتدى واراد يطفيء نورهم ذاق الوبال وماله انصار
هم خيرة الرحمن في اهل الحمى والله يفعل كيفما يختارختار
سلطان كل الاولياء وعارف نهضت به في سيره الاقدار
هو نجم دين بالشريعة ثاقب طويت بذيل ضيائه الاقمار
متواضع كالشمس يلمع نورها فوق الثرى ولها العلا مضمار
غوث على قدم الرسول سلوكه ولغيره في سلكه اطوار
هو ساكت متواضع عن عزة ولديه كبار الرجال صغار
لم ترفع الدعوى وان كبرت فتى للحق برهان له آثار
هذا ابو العلمين احمد الذي فخرت به الزهراء والكرار
وبنسله نور النبوة ظاهر متسلسل ما كرت الاعصار
ان يحسدوا لجدودهم ولجودهم فهموهمو وعلى الحسود العار
هم بالرسول وبالحسين واحمد اسد الغيوب وسيفهم بتار
ومن اعتدى واراد يطفيء نورهم ذاق الوبال وماله انصار
هم خيرة الرحمن في اهل الحمى والله يفعل كيفما يختار
قَالَ الإمامُ الكبيرُ السيّدُ أحمدُ الرفاعيُّ رَضِيَ اللهُ:
الصِقُوا بأولياءِ اللهِ ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الذِينَ ءامَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ﴾.
الوَلِيُ مَن وَادَّ اللهَ وَءامَنَ بهِ واتَّقاهُ، فلا تُحادُّوا مَن وَادَّ اللهُ.
جاءَ في بَعْضِ الكُتُبِ: "مَنْ ءاذَى لِي وَلِيًّا فَقَد ءاذَنْتُهُ بالحَرْبِ". اللهُ يَنْتَقِمُ للأَوْلِيَاءِ مِمَّنْ يُؤْذِيهِم، وَيُكْرِمُهُم بِصَون مُحِبِّيْهِم وعَوْنِ مَن يَلُوذُ فِيهِم. هُمْ أَخَصُّ المُخَاطَبِينَ بآيةِ ﴿نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ﴾.
عَلَيْكُم بِمَحَبَّتِهِم والتَّقَرُّبِ إلَيْهِم تَحْصُلُ لَكُم بِهِم البَرَكَةُ. كُونُوا مَعَهُم ﴿أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُم المُفْلِحُونَ﴾.
أيْ سادَة حُدوا المراتب وَإِيَّاكُم والغُلُوَّ، أَنزِلوا الناسَ مَنازِلَهُم. أَشْرَفُ النَّوْعِ الإِنْسانِيِّ الأنبياءُ عَلَيْهِم الصلاةُ والسلامُ، وأَشْرَفُ الأنبياءِ نَبِيُّنا مَحَمَّدٌ صلَّى الله علَيه وسَلَّمَ، وأَشْرَفُ الخَلْقِ بَعْدَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ءالُه وأَصْحابُهُ، وأَشْرَفُ الخَلْقِ بَعْدَهُم التَّابِعُونَ أَصْحابُ خَيْرِ القُرُونِ، هذا علَى وَجْهِ الإجْمالِ، وَأَمَّا علَى وَجْهِ الإِفْرادِ فالنَصَّ النَصَّ، وإِيَّاكُم والأَخْذَ بالرَّأْيِ، فمَا هَلَكَ مَنْ هَلَكَ إلا بالرَّأْيِ. هذا الدِّينُ لا يُحْكَمُ فِيهِ بالرَّأْيِ أَبَدًا. حَكِّمُوا ءاراءَكُم في المُباحاتِ ﴿فإنْ تَنَازَعْتُم فِي شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ﴾ الآيةَ.
اذْكُرُوا أَوْلِياءَ اللهِ تَعالَى بِخَيْرٍ، رَفَعَ اللهُ تَعالَى بَعْضَهُم علَى بَعْضٍ دَرَجاتٍ لكنْ لا يَعْرِفُها غَيْرُه سُبْحانُه ومَن ارْتَضَى مِن رَسُولٍ. أَيِّدُوا هذه العِصَابَةَ بِتَرْكِ الدَّعْوَى، شَيِّدُوا أَرْكَانَ هذه الطَّرِيقَةِ المُحَمَّدِيَّةِ بإِحْياءِ السُنَّةِ وَإِماتَةِ البِدْعَةِ.
أيْ سَادَة، الفَقِيرُ - أي الصُّوفِيُ - علَى الطَرِيقِ ما دَامَ علَى السُّنَّةِ فمَتَى حادَ عَنها زَلَّ عَن الطَرِيقِ. قِيلَ لهذِهِ الطائِفَةِ "الصُّوفِيّة" واخْتَلَفَ الناسُ في سَبَبِ التَسْمِيَةِ، وسَبَبُها غَرِيبٌ لا يَعْرِفُهُ الكَثِيرُ مِن الفُقَراءِ – أي مِن الصُّوفِيَّة أَنْفُسِهِم – فَمَنْ تَعَبَّدَ وَلَبِسَ الصُّوفَ مِثْلَهُم يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِم فَيُقَالُ صُوفِيٌّ، ونَوَّعَ الفُقَراءُ الأَسْبابَ فَمِنْهُم مَن قالَ التَّصَوُّفُ الصَّفاءُ ومِنْهُم مَن قالَ المُصَافاةُ ومِنهُم مَن قال غَيرَ ذلكَ وكُلُّهُ صَحِيحٌ مِن حَيْثُ مَعناهُ، أمَّا سَيّدُ الطائِفَةِ الصُّوفِيَّةِ الإِمامُ الجُنَيْدُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: "التَّصَوُّفُ صَفاءُ المُعَامَلَةِ مَعَ اللهِ تَعَالَى"، لِأَنَّ أَهْلَ هَذِه الخِرْقَة التَزَمُوا الصَّفاءَ والمُصَافَاةَ وعَمِلُوا بالآدابِ الظَاهِرَةِ وقَالُوا إِنَها تَدُلُّ عَلَى الآدابِ البَاطِنَةِ وَقَالُوا أَحْسَنُ أَدَبِ الظَاهِرِ عُنْوانُ أَدَبِ البَاطِنِ وقَالُوا مَن لَم يَعْرِفْ أَدَبَ الظَاهِرِ لا يُؤْتَمَنُ علَى أَدَبِ البَاطِنِ. كُلُّ الآدابِ مُنْحَصِرَةٌ فِي مُتَابَعَةِ النَبِيِّ قَوْلًا وَفِعْلًا وَحَالًا وَخُلُقًا. فالصُّوفِيُّ ءادابُهُ تَدُلُّ عَلَى مَقَامِهِ.
زِنُوا أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ وأَحْوَالَهُ وَأَخْلاقَهُ بِمِيزَانِ الشَّرْعِ يُعْلَمْ لَدَيْكُمْ ثِقَلُ مِيْزانِهِ وَخِفَّتُهُ. خُلُقُ النَبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْءَانُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ما فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَىْءٍ﴾. مَن الْتَزَمَ الآدَابَ الظَاهِرَةَ دَخَلَ فِي جِنْسِيَّةِ القَوْمِ وحُسِبَ فِي عِدَادِهِم وَمَن لَمْ يَلْتَزِم الآدابَ الظَاهِرَةَ فَهُوَ فِيْهِم غَيْرٌ، لا يَلْتَبِسُ حَالُهُ عَلَيْهِم، لِأنَّ استِعْمَالَ الآدابِ دَلِيلُ الجِنْسِيَّةِ بَلْ تَكُونُ عِلَّةَ الضَّمِّ.
قال أحدهم: "التَّصَوُّفُ كُلُّه أَدَبٌ". وَهَذا الأَدَبُ الذِي أَشَارَتْ إِلَيه الطائِفَةُ الصُّوفِيَّةُ أَدَبُ الشَّرْعِ. كُنْ مُتَشَرِّعًا وَدَعْ حاسِدَكَ يَكْذِبَ عَلَيْكَ لا تُبَالِي وَيَنْسُبُ ما يُحِبُّ إِلَيْكَ لا تُبَالِي:
وَلَسْتُ أُبَالِي مِن زَمانِي بِرَيْبَةٍ ... إذَا كُنْتُ عِنْدَ اللهِ غَيْرَ مَرِيبِ
إذَا كانَ سِرِّيْ عِنْدَ رَبِّي مُنَزَّهًا ... فمَا ضَرَّنِي وَاشٍ أَتَى بِغَرِيبِ
أَيُّها السَّالِكُ إِيَّاكَ وَرُؤْيَةَ النَّفْسِ، إِيَّاكَ وَالغُرُورَ، إِيَّاكَ وَالكِبْرَ فإنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ. ما دَخَلَ ساحَةَ القُرْبِ مَن اسْتَصْغَرَ النَّاسَ واسْتَعظَمَ نَفْسَهُ، مَنْ أنا ومَنْ أَنْت.
أَيْ أَخِي، كُلُّ واحِدٍ مِنّا مُسَيْكِينٌ، أَوَّلُه مُضْغَةٌ وءَاخِرُهُ جِيْفَةٌ. شَرَفُ هذا العَرَضِ جَوهَرُ العَقْلِ، العَقْلُ ما عَقَلَ النَّفْسَ وأَوْقَفَها عِنْدَ حَدِّها، فإِذَا لَم يَكُن عَقْلُ المَرْءِ عاقِلًا لِنَفْسِه مُوقِفًا لَها عِنْدَ حَدِّها فِي أَخْذِها وَرَدِّها فَلَيْسَ بِعَقْلٍ، وإِذَا حُرِمَ المَرْءُ الجَوْهَرَ ذَهَبَ شَرَفُهُ وَبَقِيَ عَرَضًا ثَقِيلًا كَثِيفًا لا يَلِيقُ لِمَرْتَبَةٍ عَزِيزَةٍ ولا لِمَنْصِبٍ نَفِيْسٍ، وإِذَا تَمَّ عَقْلُه وَكَمُلَ صارَ الحُكْمُ فِيهِ للجَوْهَرِ المَحْضِ فَصَلَحَ أنْ يَكُونَ علَى تِيجَانِ المُلُوكِ والأَكاسِرَةِ.
وَأَوَّلُ مَراتِبِ العَقْلِ الانْخِلاعُ عَن الأَنانِيَّة الكَاذِبَةِ والدَّعْوَى البَاطِلَةِ وصَوْلَةِ الفَتْقِ والرَّتْقِ والوَهْبِ والسَّلْبِ، وإِذَا حَكَمَهُ المَقَامُ وصَارَ صِفَةً عَلِيَّةً أيضًا فاللازِمُ علَيه أنْ يَعْرِفَ مُبْتَدَأَهُ الطِينِيَّ ومُنْتَهاهُ التُرابِيَّ وأنْ يَقِفَ بَيْنَ هَذِه البَدَاءَةِ والنِّهايَةِ بِمَا يُناسِبُهُما مِن قَوْلٍ وفِعْلٍ، لأَنَّ وَاعِظَ اللهِ فِي قَلْبِ كُلِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، مَن لَم يَكُنْ لَهُ مِن نَفْسِه وَاعِظٌ لَم تَنْفَعْهُ المَواعِظُ، كَيْفَ يَنْتَفِعُ بالمَوْعِظَةِ مَن كانَ قَلْبُهُ غافِلًا. قالَ سَهْلٌ رَضِيَ اللهُ عَنه: "الغَفْلَةُ سَوادُ القَلْبِ". وقالَ السَّيّدُ الأَمِينُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ: "أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ القَلْبُ".
هذا ما قالَه الإمامُ الكبيرُ السيّدُ أحمدُ الرفاعيُّ رَضِيَ اللهُ عنه ونَفَعنا به وبكلامِه وءاخِرُ دَعْوانا أنِ الحمدُ لله ربّ العالَمين.