لم أعد داريا .. إلى أين أذهب
كلَ يومٍ .. أحس أنك أقرب
كل يوم .. يصير وجهك ُجزءاً
من حياتي .. ويصبح العمر أخصب
وتصير الأشكال أجمل شكلا
وتصير الأشياء أحلى وأطيب
قد تسربتِ في مسامات جلدي
مثلما قطرة الندى .. تتسرب
اعتيادي على غيابك صعبٌ
واعتيادي على حضورك أصعب
كم انا .. كم انا أحبك حتى
أن نفسي من نفسها .. تتعجب
يسكن الشعر في حدائق عينيك
فلولا عيناك .. لا شعر يكتب
منذ احببتك الشموس استدارت
والسموات .. صرن انقي وارحب
منذ احببتك .. البحار جميعا
اصبحت من مياه عينيك تشرب
حبك البربري أكبر مني
فلماذا .. على ذراعيك أصلب ؟
خطأي .. أنني تصورت نفسي
ملكا ، يا صديقتي ، ليس يغلب
وتصرفت مثل طفل صغير
يشتهي أن يطول أبعد كوكب
سامحيني .. إذا تماديت في الحلم
وألبستك الحرير المقصب
أتمني لو كنت بؤبؤ عيني
أتراني طلبت ما ليس يطلب ؟
أخبريني من أنت ؟ إن شعوري
كشعور الذي يطارد أرنب
أنت أحلى خرافة في حياتي
والذي يتبع الخرافات يتعب
ماذا أصابك تبكي أيُّها القلمُ هل خانك الرُّشد أم غَالى بك الحُلم ُ
هل جَفَّ ريقُك عن خَوفٍ وعن وَجلٍ وأنت ترصُد أخباراً هي العدمُ
قد كنت بالأمس تروي صفحتي جذلاً واليوم تسطُر ما يُدمي وما يَصمُ
ماذا أصابك ؟ قُل للعالمين بما تهتز منه جبال الأرض والقممُ
مات ( العزيزُ )؟ نعم! والقبر غيَّبه وغُيِّبَ الحقُّ لما غابت القيمُ
ماتَ (العزيزُ)؟ بلى! والكون ودَّعه وداع من لم تمت في نهجه الهِممُ
عملاقُنا غاب قل للشَامتين بنا مُروا على دربه أعْشى، ومتَّهمُ
عملاقنا لا أرى في خصمه أملاً مهما تطاول في أعماله، قزمُ
لو ركَّبوا بعضَ ألفٍ فوق بعضهم لم يصنَعوا كفَّه أو تُرتجى قدمُ
أو كنت أحسب أنَّ العالمين به ثكلى، ومن بينهم أحيا وأغتنمُ
من بعد موتك هل يحيا العزيز على هذي الحياةُ، وهل يحيا بها القَلمُ
أغمَضت عينك عن دُنيا تنوء بما في ظهرها حاقدٌ عاتٍٍ ومنتقمُ
الناسُ في ظِلها هذا يموت أسىً وذاك يقتُله الإملاق ُوالسأمُ
أغمضتَ عينَك حتى لا تكون بها عينَ المشاهد يطغى قلبهُ الألمُ
كم كُنت للناس رُغم الغَبن خادمهم في عصر من عزَّ فيه سادةٌ خدموا
عمَّرت ودَّك فوق العالمين يداً تحنو على الكُل، يلقى فيئَها العجمُ
الناسُ في الغَرب قالوا : عالمٌ فطنٌ والناسُ في الشَّرق صاحوا سيدٌ علمُ
وهبت عُمرك سهلاً أخضراً ومدى تحارُ في وصفه الألفاظ والحكمُ
كنت الشجاع، ومن قال الشجاع فقد أضفى عليك وساماً كنت تلتَزمُ
هل أدرك الموتُ ذاك اليوم أن لنا وجهٌ أتى الموت كالطُوفان يحتدمُ
لم يجرؤ الموت هيباً أن يخاطبه وما دنى مِنه حتى قام يبتسمُ
هل ظنك الموت تخشى أن تواجههُ لم يخلق الله من تخشاه لو علموا
والموت إن جاء حقٌ ، لا مَرَدَّ له لكنني عاتبٌ دهري وما يصِمُ
أكلَّما ضاء فينا كوكبٌ ذَهلت منه الغُيوم، وغطَّت نُوره الدِّيمُ
لا يفرح الموت إنَّا قانعون به نُهدي العظام ولا ينتابنا ندمُ
لسنا من الشُّح حتى نستهين به إن زارنا سوف يلقى عندنا الكرمُ
ولا نحارُ ، و لا نُحصي مواكبنا فنحن أعلمُ من يأتي وينصرمُ
إن مات فردٌ لدينا من يكمله هيهات ينقصُ من أعلامنا علمُ
سيعلم الموتُ أنَّا لا نُحاذرهُ ويعلم النَّاسُ والأجيال والأممُ
أنَّا نسُوق إلى الأُخرى كواكبنا كيما تُضيء بهم في العالم الظُلمُ